-A +A
صالح الفهيد

لا يمكن إلا أن نرحب بالبيان الذي أصدرته هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي تتراجع فيه عن بيان سبق أن أصدرته، باعتباره مؤشرا على تغيير حقيقي يجري في أروقة هذه المؤسسة، رغم أننا نحتاج إلى بعض الوقت حتى تتبين ملامح هذا التغيير الذي طال انتظاره.

ولكن ثمة سؤال فرضته هذه السابقة الأولى من نوعها في تاريخ الهيئة وهو: ماذا عن بيانات كثيرة سبق أن أصدرتها وتمسكت بها وأصرت على صحتها رغم نفي الأشخاص المعنيين وتقديمهم روايات مغايرة ومختلفة بشكل كبير عن رواية الهيئة؟.

وإذا كان الناطق الإعلامي في الهيئة شجاعا وهو يعترف أن البيان (القضية) صدر قبل انتهاء التحقيق، وأنه استقاه من أعضاء الهيئة المتهمين من قبل المواطن الطرف الآخر في المشكلة، فيحق لنا أن نسأل: هل البيانات الأخرى السابقة صدرت بنفس الطريقة التي صدر بها هذا البيان؟ أي قبل أن تنتهي التحقيقات (أو لنقل حتى قبل أن تبدأ التحقيقات إن كان هناك من تحقيقات)!

إن أحداثا وقصصا كثيرة شهدتها بلادنا خلال الأعوام الماضية كانت الهيئة طرفا فيها، وأصدرت حولها بيانات جرمت فيها مواطنين واتهمتهم بمخالفات شرعية، وبرأت ساحتها من اتهامات هؤلاء المواطنين بالتعدي عليهم والتجاوز والتعسف في استخدام الصلاحيات. وقد تلقى المجتمع ما تقوله الهيئة على أنه هو الصحيح وأنه يتمتع بمصداقية وثقة عالية، إلا أن ملابسات البيان الأخير كشفت لنا أن الأمور ليست كما توقع كثيرون، وأن البيانات السابقة للهيئة ليست فوق مستوى الشبهات. خصوصا إذا عرفنا أن من كان يعدها ويصيغها هو نفس المسؤول الذي أعد وصاغ البيان (القضية).

وإذا كانت البيانات السابقة للهيئة أعدت بالطريقة التي أعد بها البيان الذي تراجعت عنه، فبوسعنا القول إن الهيئة لم تكن في وارد كشف الحقائق، وإنما كانت معنية فقط بتبرئة أعضائها والدفاع عنهم وتحسين صورتهم وتبييض سجلهم دون أي اعتبار آخر، وحتى لو وقع الظلم على أناس أبرياء ذنبهم أن الجهة التي ظلمتهم لا تريد أن تقر بخطئها.

وفي الجملة، فإن موقف الهيئة الأخير وتراجعها الذي يحسب لها لا عليها، يعزز الآمال بأن حركة التصحيح والإصلاح في هذه المؤسسة قد بدأت.